سكوت بحاح وقادة المشترك علامة رضاء على خطاب التحريض العنصري والمناطقي!
14 فبراير، 2016
597 9 دقائق
يمنات
سامي غالب
لا أحد يراهن على الرئيس هادي في إظهار جدارة قيادية في هذه اللحظة الحرجة التي يمر بها اليمن، الكيان والإنسان والهوية.
لكن التحريض المناطقي والعنصري والطائفي الصادر من منابر معسكر “الشرعية” في الأيام الأخيرة، يستوجب وقفة مسؤولة من الجميع.
هذه الحرب هي حرب داخلية في الأساس.
وهي من زاوية “الشرعية” و”المجتمع الدولي”، حرب لإعادة الشرعية إلى العاصمة اليمنية صنعاء، واستئناف المسار السياسي الانتقالي.
لكن ما يجري في المحافظات التي استعادتها “الشرعية” مسنودة بالتحالف العربي بقيادة الرياض، يظهر أن “الشرعية” في اليمن ليست شرعية على الاطلاق. أية ذلك ما تمارسه جماعات مسلحة منتشرة داخل هذه المحافظات من ممارسات تمييزية ضد مواطنين يمنيين ارتكازا على مكان الميلاد (أو أصول آبائه وأجداده)!
هادي لا يفعل شيئا من أجل ردع هؤلاء الحمقى الذين يتوهمون امكان فرز اليمنيين جهويا أو عرقيا أو دينيا.
هادي لا يفعل.
ولا “يقاوم” هذا السلوك الجاهلي الذي نسف شرعيته المزعومة، ولو حتى بلسانه.
بل لعله في سريرته يوافق عليه.
***
في الأثناء يزدهر خطاب كراهية في منابر الشرعية (وفي مواقع التواصل الاجتماعي) ضد “الزيود” و”الهاشميين” في اليمن.
هذا التحريض خطير ومدمر.
وهو يضفي طابع الحرب الأهلية على حرب عناوينها سياسية حتى الآن.
أكثر من ذلك، إنه تحريض لاحق على سوابق جرمية في محافظات خاضعة، نظريا، ل”الشرعية”.
أخطر من ذلك أنه تحريض قائم على فرز السكان انطلاقا من القابهم لا مواقفهم. وهو تحريض لا يريد اصحابه التقاط أية فروق بين “المستهدفين” من حملاتهم الدنيئة فيتوسلون القدرة على “جوهرة” فئات من اليمنيين (أي اعتبارهم جوهرا لا ترد عليه سنن الله في خلقه) توطئة لعزلهم أو تطهير البلاد منهم (كما يشطح البعض منهم).
***
التحريض ضد أي يمني تأسيسا على لقبه أو مذهبه أو مكان مولده أو لهجته أو محافظته، هو جريمة يعاقب عليها القانون.
لكن “الشرعية” في اليمن هي ألد أعداء القانون في الجمهورية اليمنية.
ومشروعها السياسي (حتى الآن) هو تقويض هذه الجمهورية ونسف الجوامع الوطنية بين اليمنيين.
لذلك يبلع الرئيس هادي لسانه ولا يخرج في الناس محتجا على ممارسات اجرامية تقع عند عتبات قصره في معاشيق.
كذلك يفعل نائبه ورئيس الحكومة خالد محفوظ بحاح، الذي وقع عليه رهان الناس في فترة سابقة، مكتفيا بإطلاق معسول الكلمات لاسترضاء مناطق ومحافظات، في سلوك هو أقرب إلى الشعبوية من أسف.
كذلك يفعل اليساريون والقوميون والليبراليون في حكومة هادي وفي دائرته الضيقة. لكأن الجرائم المادية والتحريض على كراهية جزء من مواطنيهم، يقع في صلب مشاريعهم التقدمية!
كذلك يفعل الاصلاحيون، ومن يدور في فلك الإصلاح من الناشطين والحقوقيين وشباب الثورة.
***
الشرعية بلا مشروع وطني.
مشروعها الوحيد هو تفكيك الجمهورية وتفتيت اليمنيين إلى طوائف وقبائل وجهات.
وإن لم يتم لجم هذه “الشرعية” من داخلها، إنْ بقي في معسكرها رجل رشيد، فإن الواجب يحتم على المثقفين والأدباء والصحفيين (وأعضاء أحزاب المشترك ممن لم تصبهم لوثة العنصرية والمناطقية) وأي انسان يستفظع إهانة أي يمني لمجرد انتمائه الأسري أو الجهوي أو المذهبي، إشهار اعتراضه على خطاب التحريض، أيا يكن الطرف أو المنبر الذي يمارسه.
***
حرب تعصف باليمن باسم “الشرعية”.
وعلى هذه الشرعية_ المدعومة من السعودية ودول الخليج _ أن تلجم ألسنتها القذرة التي تروج، ليلا نهارا، للتطهير العنصري والجهوي.
على أقطابها الحزبيين والحكوميين، إبداء القليل من الحياء، والخروج علنا لإدانة هذه الخطاب الجهول ضد أبناء شعبهم، وإلا فإن الاستمرار في السكوت سيعتبر علامة على الرضا والمباركة.